قصة في ظلال الغابة: الجزء الاول

حسنًا… أعلم أنه لو بدأت كلامي مباشرة، فقلت لكم ما سأقوله الآن، هتفتوا في وجهي: "المسكين فقد عقله"، وأغلقتُم الرسالة دون تفكير. لكن بطارية هاتفي لا تزال مشحونة، وهذا يعني أن لدي وقتًا كافيًا لأكتب. لدي وقت... نعم، على الأقل الآن. كل ما أرجوه هو أن تصل هذه الكلمات إلى شخص، أي شخص، يستطيع أن يساعدني. أعتقد أن عليّ أن أبدأ من البداية. ربما يكون هذا آخر ما يقرؤه أحد مني لفترة طويلة.


أنا قادم من أسرة ممزقة. حياتنا لم تكن مستقرة أبدًا، ثم أصبحت أسوأ. الطلاق بين أمي وأبي كان مدمرًا، وبعده مباشرة، حصلت أمي على الحضانة الكاملة. لم نكمل أسبوعًا حتى أخذتنا، أنا وأخي الأصغر، من ولاية إلينوي إلى أيرلندا. كانت تقول شيئًا عن "الفرار من بيئة مسمومة". لا أعلم... لكن فجأة، وجدت نفسي في بلد جديد، بيت جديد، ثقافة جديدة... أحاول فقط أن أفهم أين أنا.


الشيء الوحيد الذي ساعدني على التماسك في ذلك الوقت هو الاستكشاف. أنا وأخي، جيمس، كنا نحب المغامرات. الغابات في أيرلندا كثيرة، والتلال مكسوّة بالأشجار، وبما أنه لا يوجد دببة أو ذئاب هناك، كانت والدتنا تسمح لنا بالخروج لاستكشاف الطبيعة. أعتقد أنها كانت تحتاج لبعض الهدوء. كانت منهكة، ومنحنا هذا بعض الحرية. كنا نلعب، نرسم خرائط، نتسلق الأشجار، وعندما يحل الظلام نعود إلى البيت لنخطط لمغامرة اليوم التالي.


ذلك الصيف الأول في أيرلندا... كان آخر صيف شعرت فيه أني طفل بحق.


بدأت المدرسة ولم أواجه صعوبة كبيرة في تكوين صداقات، رغم أنني كنت "الولد الجديد بلهجة غريبة". أما جيمس، فقد عانى أكثر. كان مختلفًا، طفلًا خياليًا أكثر من اللازم ربما، ما جعله هدفًا للهمسات والهمز. ومع أن أمي كانت تُصر على أن آخذ جيمس معي إن خرجت مع أصدقائي، لم أكن أمانع. علاقتنا كانت قوية. بعد كل شيء، لم يتبق لنا سوى بعضنا البعض.


أصدقائي، مع ذلك، كانوا يتحاشون فكرة الذهاب إلى الغابة. لم أكن أفهم السبب حينها. الآن، أفهم. كنا بالكاد نرى أحدًا هناك. ربما شخصان يتمشيان، لا أكثر. بدا هذا غريبًا، لكن في ذلك الوقت، تجاهلته.


حتى جاء اليوم الذي كنا نلعب فيه "نينتندو"، وهمس لي شون فجأة بصوت خافت:


"ملك الجنيات... خطر كبير يا صاح."


نظرت إليه مستغربًا. "ملك مين؟"


قالها بنبرة وكأنها سرّ خطير: "ملك الجنيات. عارف… الكائنات دي، الجنيات والحاجات الغريبة."


كان بإمكاني تقبّل فكرة أنه رأى حيوانًا مفترسًا أو سمع صوتًا غريبًا، لكن جنيات؟ شعرت أن الأمر مبالغ فيه جدًا. لكن شون لم يكن يمزح، نبرة صوته كانت حادة ومختلفة.


قال: "اسمع… الناس بتختفي في الغابة. أمي كانت تعرف بنت دخلت الغابة تدور على ملك الجنيات لما كانت طفلة. قالت الكلمات، ومارجعتش أبدًا."


"كلمات؟" سألتُ بدهشة.


"أيوه... في مكان معين بتروحله، تقول شوية كلمات، وساعتها… بيظهر. أو بيبدأ كل شيء، مش متأكد." قالها ثم صمت، كأن التفاصيل وحدها قادرة على جلب المتاعب.


"بس ليه حد يعمل كده أصلاً؟" سألته.


رد بسخرية: "زي اللي بيلعبوا لعبة ماري الدموية. ليه؟ الله أعلم."


رجع للعبة وكأن المحادثة انتهت.


لكنها لم تنتهِ. أخبرت جيمس في تلك الليلة، وكان هذا أسوأ قرار اتخذته في حياتي.


جيمس كان مهووسًا بالكائنات الغامضة: رجل العثة، وحش البحيرة، أي شيء غريب… تخيّل شعوره لما يعرف إن في مخلوق غريب ممكن يكون في الغابة جنب بيتنا! عينيه كانت تلمع بالحماس، وأمطرني بأسئلة ما عنديش إجابة لها. بدلاً من أن يهدأ، أصبح مهووسًا أكثر.


خلال الأسبوعين التاليين، صار يجمع القصص من كل مكان:


"سارة بتقول إنه يشبه رجل بشعر أحمر."


"مايك بيقول إنه بيحب الألعاب."


لكن لم يخبره أحد بالكلمات، وهذا الشيء كان يعذبه. الأطفال لم يريدوا الحديث، والكبار تجاهلوا الأمر تمامًا. ومع مرور الوقت، بدأ أصدقائي ينزعجون من وجوده معنا.


في أحد الأيام، بينما كنا في صالة ألعاب فقيرة بالكاد تستحق اسمها، أصر جيمس:


"بليز يا جماعة، ما الكلمات؟ حتى لو كانت شتيمة، قولوها لي!"


تجاهلناه، مركزين على اللعبة.


بريانا ضربت شون على كتفه: "ليه حكيتله القصة أصلاً؟"


شون ردّ بعصبية: "علشان العبقري ده دايمًا عايز يروح الغابة!"


سألتها: "يعني إنتي ما بتصدقيش ده، بريانا؟"


قالت: "أكيد لأ. مجرد قصة يخوفوا بيها العيال علشان ما يتهوشوش في الغابة."


لكن جيمس لم يترك الفرصة:


"طيب قوليلي الكلمات وأنا هبطل أتكلم!"


وقبل أن ترد، تدخل ليام:


"قولي له وخلاص. كده كده مش هيصدق."


تنهدت بريانا، ثم أخرجت منديلًا كتبت عليه شيئًا. رفعته بعيدًا عن جيمس وقالت:


"ما تنطقش الكلمات بصوت عالِ. لا هنا، ولا في الغابة، ولا في أي مكان. فهمت؟"


نظرت إليه... ثم إليّ، وكأنها تعرف أنني سأحتاج إيقافه عن حماقة ما لاحقًا.


ثم ناولته المنديل. انحنيت أقرأ معه. الكلمات كانت بسيطة... لكنها كانت مثل همسة من عالم آخر:


> "بجانب جذع شجرة وحيد، في غابة صافية،

ملك الفاي هنا ليبقى.

اضغط ثلاث مرات، وسوف ي

ظهر،

سيأتي ملك الجنيات للعب."


هل تتابعني لكتابة الجزء التالي من القصة؟ 😈


comments

صلي على سيدنا محمد؟

أحدث أقدم